قصة من الواقع "أم شوايل" للكاتب محمد طه

قصة من الواقع "أم شوايل" للكاتب محمد طه
المؤلف hassan
تاريخ النشر
آخر تحديث
قصة شعر من من الواقع للكاتب محمد طه

قصة شعر من من الواقع للكاتب محمد طه

قصة من الواقع "أم شوايل" للكاتب محمد طه

في إحدى قرى شمال كردفان بالسودان، وعلى أطراف شمسٍ ملتهبة. لكن ما لم تكن تعرفه هو أن القدر يُخبئ لها امتحانًا أشبه بقصة أسطورية.

فذات يوم، بينما كانت تقود قطيعها في البراري، فقدت إحدى النعاج. وعندما عادت خاوية اليدين، استقبلها والدها بغضب أعمى لم يكن طبيعيًا… لم يُوبخها فحسب، بل قرر التخلص منها نهائيًا.

أخذها إلى بئر مهجورة عميقة تتجاوز الثلاثين مترًا، يقبع في أعماقها الظلام والخوف والزواحف السامة، ثم دفعها دون رحمة داخله، وأحكم إغلاقه بالحجارة.

في ذلك السجن المظلم وتحت الأرض، توقّع الجميع أن تُفارق الطفلة الحياة خلال أيام قليلة… لكن المعجزة بدأت تتكشف: فـأربعون يومًا مرّت وهي لا تزال على قيد الحياة! تقول الطفلة بعد إنقاذها إنها كانت ترى رجلًا بلباس أبيض ينزل إليها ويُطعمها الحليب، ثم يختفي دون أثر.

على الرغم من لدغات الأفاعي والعقارب، والجوع والعطش والوحدة، لم تستسلم أم شوايل. ظلت تُنادي، تصرخ، تُصلي… حتى في اليوم الأربعين، سمعها طفل كان يمر قرب البئر، فأبلغ أهالي القرية. وصلت فرق الإنقاذ، وكان من أنقذها شابًا يُدعى "عبد الخير"، تسلّق الحبال ودخل البئر المظلم وأخرج جسدًا نحيلًا لكنه ينبض بالحياة.

نُقلت إلى المستشفى وهي في حالة صحية حرجة، لكن الأكثر غرابة أنها خرجت من التجربة دون كراهية... بل طلبت مسامحة والدها الذي ارتكب أبشع خيانة يمكن أن يتعرض لها طفل.

لاحقًا، غيّرت اسمها إلى "آمنة" كما أوصاها الرجل الأبيض في رؤاها، وتزوجت من أحد أبناء عمومتها، محاولةً طي صفحة المأساة.

لكن القدر لم يكتفِ، ففي أحد الأيام، عادت نوبة الصرع التي لازمتها منذ الحادثة، وسقطت أثناء عودتها إلى المنزل، لتُفارق الحياة في هدوء... تاركةً خلفها قصةً خالدة في الوجدان السوداني، عن طفلة قهرت الموت بالإيمان.

قصة "أم شوايل" ليست فقط عن النجاة، بل عن المعجزة، والرحمة، والإرادة التي لا تنكسر.

معلومات مصدر القصة 
الكاتبة : محمد طه من السودان

تعليقات

عدد التعليقات : 0